الثلاثاء، 28 فبراير 2017

د.عبد المجيد المحمود............(( الموتُ باكرًا ))


(( الموتُ باكرًا ))
حاولتُ يا سيِّدي..
حاولتُ كلَّ مرَّة..
حاولتُ في الماضي ألفَ ألفَ مرَّة..
لكنَّني لم أرَ الماءَ 
منبجسًا من عمقِ صخرة..
حاولتُ أنْ أكظمَ غيظي
أتناسى أعمارَنا الملقاةَ
في مهبِّ الرِّيحِ..
و حياتَنا المُرَّة..
حاولتُ جاهدًا أن أُسكِتَ 
الأجراسَ في رأسِي
أنْ أقهرَ الوساوسَ و الظُّنون
لكنَّها تعصفُ فيهِ
كبركانِ ثورة..
أنا لم أكنْ شيئًا يا سيِّدي
أقتاتُ همومي كالحمارِ
في الليلِ و في ضوءِ النَّهارِ
نصحوني بالأفيونِ و أغاني الصَّبرِ
لكنَّني لم أفقدْ ذاكرتي
لم أفقدْ من أحزانيَ الغُبرِ
قيدَ شعرة..
كم قد زفرتُ أنينيَ المبحوحَ
في مداخنِ الحذرِ المريرةِ
و كبحْتُ أعنَّةَ الأحلامِ و الأقوالِ
و كلَّما صحوتُ..عُدْتُ
أمزِّقُ أفكاري التي اجتاحتْ
عليَّ فضاءَ سَكْرَة
يا سيِّدي..إنِّي رفضْتُ الأحزابا
أوصدْتُ على فكري الأبوابا
فأنا ابنُ الأرضِ..
أحبُّ كتابي و قهوةَ أمِّي
أكرهُ الإرهابا..
أحبُّ عيونَ العاشقين..و بساطةَ الفقراءِ
و العسلَ المعقودَ من زهرة..
يا سيِّدي أنَّى لحرفيَ المقتولَ
أنْ يصحو؟!!
و سياطُ جلَّادِ البلادِ في ظهري
على لسعاتِها السُّودِ أرسمُ
أنَّاتي و قهري
فأينَ أرحلُ يا سيِّدي و قد أغلقوا
علينا أبوابَ المجرَّة؟!!
يا سيِّدي لقدْ شبعَتْ
من لمسِ أناملي الحيطانُ
و اغدودنَ البؤسُ في قلبي
و نسيتُ أنَّني إنسانُ
و نسيتُ طعمَ الثَّلجِ و التُّفاحِ
و طعمَ اللونِ و الفكرة..
يا سيِّدي إنَّا نعيشُ في بلدٍ
عبيدُها يغنُّونَ للجلَّاد
و الذلُّ عنوانٌ عريضٌ
باتَ يقرأُهُ الغرابُ
في وجهِ العباد
و غدا الفقيرُ ليسَ يشكو
في ليالي الهمِّ...فقرَه
ها قدْ تشبَّعَتْ شفتايَ بالدِّماء
و الكرسيُّ خلفَ رأسي صارَ مثلي
ضحيَّةً خرساء
يا سيِّدي هذا وطنٌ..
ليسَ يحيا في جنانِهِ الفقراء
و عيونُ اليتامى ليسَ
تعرفُ ما المسرَّة..
يا سيِّدي..ها هنا يضيِّعُ النَّهرُ بحرَه
ها هنا يقيِّدُ الليلُ فجرَه
ها هنا يصلبُ الحقُّ سِفرَه
إنَّا وُلدنَا نصلِّي للساسةِ الكبار
معَ الخبزِ نحترمُ الكبار
معَ الطَّعامِ و الشَّرابِ
معَ الغناءِ..مع البكاءِ
معَ الشَّقاءِ..معَ البقاءِ
نقدِّسُ الكبار
حتَّى غدونا عاجزينَ في وطنٍ
عاجزٍ عنْ أيِّ موتٍ أو قرار
و صارَ الضَّعفُ فينا عدوًّا
لم نستطِعْ بعدُ قهرَه
يا سيِّدي..إنَّا نعيشُ في وطنٍ
كلماتُ المرءِ فيهِ
تصنعُ قبرَه
...............................................
 @@ د.عبد المجيد المحمود@@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق