مقامة أدبية رقم (١٠)
بعنوان الأحجية ...
بقلم الكاتبة هيام حسن العماطوري
مرت الليالي عيناي ّ يجافيها النوم ..والفكر شريد ما بين ترقب وهموم ..أتقلى على نيران الوجد ...وغرامي يزداد كلفاً بها كلما أمتد البعد ..وبقيت على حالي ما ينيف عن الشهر ..لا خبر عن محبوبتي يبل الرمق إنما في صدري غلواء وقهر وقلق ..رأى معاذ حالي ..وأستهجن لعشق ٍ أذوب منه وأغالي .. قال لي : على هونك صويحبي أرمي أحمالك على رب ٍ كريم ولا تبالي ... فعشق العذارى تكوي القلوب وتردي في المهالك ..هذا ما كان من أمري أيها الأصحاب ..أعيش غلظة القهر ...دون حساب ..ومعاذ يخفف عني المصاب .. ويهدئ من روعي وغلواء الصبابة بنكات تزيل همي علي أعود للصواب ..أخذ ينصحني بعدم المصارحة... ونسيانها دون مطارحة ..وأوضح لي سوء موقفي إن علم شهبندر التجار بغرامي لابنته الناصحة ..بقيت تتجاذبني الأفكار ... ما بين جنة قربها أو فراقها الذي أمسى بقلبي وقدة نار ..مر وقت ليس بطويل وإذ بخليلة الروح تميد نحو الدكان تميل ..لم أتمالك من الفرحة نفسي ...فغرد لساني بنجوى فؤادي وأفرط بالهمس ِ .. أخفت كلفها بي ...فلم تلقي بالاً و بدوت غبياً أجتر يأسي . . كأنها ليست في وارد الهوى أو العشق ....و تدرك ما بقلبي لها من هوس ِ ..فأرتطم الفؤاد بجدار الجفاء ..وعدت أدراجي أجر خيبتي وبؤسي ..لكني رميت سنارتي العمياء ..بكلمة خرجت مني على استحياء ..سيدتي وجيدة هل تقبلين بي بعلا ً ..؟ فأنا عاشق لجمالك ِ ....و أزداد بك تعلقاً..قالت تستطيع زيارتنا بالمنزل . .وعند والدي الخبر اليقين إذا أردت ان تسأل ؟ ..فما كان من أمري إلا المجازفة... فالحب ملك ٌ جبار يجبرنا حيناً أن نصارع الأقدار ..و لا نستسلم فيه نخوض تجربة العشق والولوج بهذا الغمار ..فلم أكذب خبراً .. فعند المساء تزينت بأبهى ما عندي من الثياب ..وتطيبت بعطر وعقيق ... وطلبت من معاذ أن يكون لي الرفيق ..فلم يتوانى عن مرافقتي .وسرنا عند العصر نقصد قصره..استقبلنا الرجل بكل ترحيب ..وسار بنا الحاجب إلى ردهة كبيرة... ثم قدِم الرجل لحضوره هيبة...فقام بالواجب ..وسمع مني ما أردت .. فمدح بأخلاقي ..وأستجاب لطلبي ..فصفق قلبي يا رفاقي. .و قبِل الخطوبة . . و جعل لوجيدة مهراً ..بأن أفك أحجية فتكون بذلك لي زوجاً . .فقلت له : فدتك نفسي سيدي ماذا تريد من وراء ذلك .؟ .قال هو حلم لطالما راودني في غفوتي وصحوي ومنامي.. فأذهب و أبحث لي عن الأجابة ..فإن علمت الجواب ..فوجيدة لك وفوقها دراهم ومئة قطعة من الذهب ..فماذا قلت ..؟ قلت : سمعاً وطاعة فأنت اليوم لي بمثابة الأب ..فما الأحجية ؟ فقال: شيء طويل الذنب ..له عينان بارقتان لله العجب .. يعيش بالبر والبحر.. في فمه نجاته ..وهي سر قوته .. مسخه الله بلا أقدام..رؤيته تروع الأنام فمن هو أيها المقدام ؟ .. أن عرفت سيكون زفافك بعد أيام ... أنتظر منك الجواب وعلى ذلك أتفقنا ..رجعنا للخان ... يلفنا الهذيان ..وطلب الشهبندر يشغلنا كل وقت ٍ وآوان ..لعلها تسعفني الفطنة ..وأحظى بالإلهام ..إلى ذلك أيها السادة لمّحوا لي بالإجادة .. وجيدة هي حبي ومنبع السعادة ...أعينوني اعانكم الله ..وانتظر لقائكم كالعادة ...إن عرفت حل الأحجية أيامي القادمة ستكون سعادة ...و ألا دفنت قلبي و معه حلمي تحت الوسادة .. والحب يمسي رماد َ...أترقب عودتي إليكم بغبطة... فهي قريبة وإن أطال الليل بُعاده ..أترككم بخير وألقاكم مجدداً أيها السادة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق