(( إلى رحمة الله يا أبي ))
وَيدٍ خلالَ الغيمِ سَرَّحَها الأسى . . . . مَدَّتْ مخالبَ بُؤسها وقتَ المَسَا
صفراء أيْبَسها الشحوبُ تلمَّسَتْ . . . . قلباً تغرغرَ بعدها وتيبَّسا
جاءتْ اليكَ أبيْ مُضَمَّخَةً دماً . . . . مِن طولِ ما كَرَعَتْ لموتٍ أَكْؤُسا
لا تَقْربُ الإنسانَ منها نظرةٌ . . . . حتّى يكونَ بلا حراكٍ أخْرَسا
هل مِنْ مغيبِ الشمسِ تَجْلِبُ بؤسَها . . . . أمْ إنْ تُلامسْ أيَّ ضوءٍ عَسْعَسا
فلعَلَّ صَمْتَكَ قد نَسِيتَ إجابةً . . . . ولَعلَّ صَمتَك كيْ تَهُمَّ فَتَهْمِسا
هذي تخاطبهُ وذلكَ مُعوِّلٌ . . . . والبيتُ أصبحَ كالحاً ومُعَبِّسا
فَجَثوتُ أصرخُ مَزَّقتْنيْ عَبرَتي . . . . وخُنِقْتُ حتّى لا أرى مُتَنَفَّسا
ما كنتُ أحسبُ أن أراك مُجَندَلاً . . . . أوأن تكونَ مُكّفَّنا كي تُرمَسا
أو كنتُ أعرفُ ما الهمومُ ولا الأسى . . . . اذْ كلُّ شيءٍ كانَ ليْ مُسْتأنَسا
أو كنتُ أعلمُ ما الفواجعُ قبلَهُ . . . . أو ما الذي يعنيهِ دهرٌ إنْ قَسا
ببحورِ عطفكَ كَمْ حييتُ معزَّزا . . . . فاليومَ منكسرَ الفؤادِ مُنَكَّسا
لمّا ذهبتَ ترَكْتَني في وحشَةٍ . . . . مِثْلَ الغريقِ ببحرِ هَمٍّ غُطِّسا
كم عِشتُ عطفَكَ بالدَّلالِ مُهَلْوِساً . . . . فالآنَ أمشي بالنَّحيبِ مُهَلْوِسا
وأجوبُ في الوديانِ بينَ زئيرِها . . . . وحدي بدونِكَ خائفاً مُتَحَرِّسا
ومخالِبُ الأيامِ تَحفرُ في دَمي . . . . شَتّى المآسي كيْ أَكبَّ وأَطمِسا
حُيِّيتَ مِنْ عِظَمِ الدرايةِ شامخاً . . . . للحبِّ والعطفِ العظيمِ مُؤَسِّسا
تلكَ الينابيعُ النوازفُ رحمةً . . . . حُبِسَتْ وما ظنّي بها أنْ تُحْبَسا
شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي
رووووووعاتك استذي الفاضل
ردحذف